حضرموت: مميزات طبيعية مُهملة و مساعِ لتحقيق الأمن الغذائي - (تقرير خاص للصوت الجنوبي)

متابعات - المركز الاعلامي الزراعي بساحل حضرموت

الصوت الجنوبي _ تقرير خـاص

هي ثروة متجددة لا تنضب، وهي النفط الحقيقي غير المضر للبيئة، بل على العكس تماماً فهي صديقة لها، فالتجارة فيها تعود بمكاسب كثيرة، والحضارم في السبعينيّات والثمانينيّات من القرن الماضي وما قبل تميزوا بها، ألا وهي الثروة الزراعية و الثروة الحيوانية.

أما اليوم فهناك إعادة للاهتمام بالقطاعين الزراعي والحيواني في حضرموت، وذلك لضمان توفير الأمن الغذائي والاعتماد الذاتي، خصوصاً وإن كبرى الدول تسعى اليوم إلى تأمين مستقبلها الغذائي، نتيجة للاضطرابات السياسية والحروب التي يشهدها العالم.

ولكن كل تلك الطموحات والخطوات والمساعِ الكبيرة جداً، التي يتم التخطيط لها في سبيل الحفاظ على الأمن الغذائي، يقابلها العديد من المشكلات والمعوقات التي تحول بينها وبين تحقيقها في الواقع، فهي تحتاج إلى جهود عديدة وجوانب مختلفة للوصول إلى الهدف.

https://alsawtaljanubi.com/?p=63640


تعاونيات زراعية

في مطلع شهر فبراير الجاري، أصدر محافظ محافظة حضرموت، مبخوت بن ماضي، قرار رقم (12) لسنة 2024م، قضى بتكليف عبدالله عوض العوبثاني، مديراً عاماً لمكتب وزارة الزراعة والري بساحل حضرموت.

العوبثاني كشف في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“، عن أبرز المشكلات التي تواجه مكتب الزراعة والري بساحل حضرموت، والتي هي نتائج لتراكمات سابقة، قائلاً: ”المشاكل تنقسم إلى قسمين  (مادي وبشري)، البشري تتمثل في تقاعد (167) كادر موظف متخصص من الزراعة، ولا يوجد هناك عدد كافي من الموظفين المتخصصين في المكتب في الجوانب الفنية لتغطية الاحتياج والطلب للنهوض بالقطاع الزراعي، وهناك مشكلة أخرى وهي عدم وجود خريجين في الجوانب الزراعية والبيطرية من الجامعات بالأعداد الكافية، وذلك يعود إلى عدم الأهتمام بهذا المجال الهام جداً“.

ويضيف: ”إن الثروة الزراعية والحيوانية هي أساس الأمن الغذائي، ولكن لا يوجد أي ابتعاث للكليات في هذه التخصصات بمحافظة حضرموت، أما بخصوص الجانب المادي فهناك ضعف في الموازنة التي لا تغطي ما بالكاد أقل من 5% من عمل الزراعة خصوصاً الموازنة التشغيلية، وعدم استيعاب موظفين في الجوانب الإدارية نظراً لتوقف التوظيفات وهذه مشكلة عامة في البلاد، إضافة إلى مشكلة المبنى والتجهيزات الداخلية فيه حيثُ لا توجد هناك أجهزة كمبيوتر كافية لقيام الموظفين بعملهم، فمنذُ عام 94م لم يتم تأهيل المبنى، ومكاتب الفروع بعضها شبه مغلقة أو تعاني من إهمال السنوات الماضية“.

وبخصوص إعادة تفعيل عمل التعاونيات الزراعية في ساحل حضرموت، يقول العوبثاني: إنَّ ”عمل التعاونيات مهم جداً وقائم في أغلب دول العالم، لكن في حضرموت نواجه مشكلة وهي مشكلة الثقافة، وإن التعاونيات لا تتجدد وكذا لا تعمل بصفتها عمل تعاوني اقتصادي، بل يعملون مثل الجمعيات الخيرية وهذه مشكلة بحاجة إلى رفع كفاءات، وقد عقدنا اجتماع مع رئيس الاتحاد التعاوني، وطلبنا كشف بالجمعيات وأبرز المشاكل التي تعاني منها، ونحاول عمل برنامج تأهيل في المستقبل ونعرضه على المنظمات، فلأجل نجاح الجمعيات لابد من رفع كفاءة إدارات الجمعيات وقدراتهم الإدارية والمالية، ليكونوا أعضاء فاعلين وينعكس ذلك على المجتمع والأمن الغذائي بالمحافظة“.

وعن الدعم الحكومي لقطاع الزراعة في حضرموت، فقد أكد المدير العام لمكتب الزراعة والري بساحل حضرموت: إنَّ ”هناك دعم للعمل الزراعي والأمن الغذائي في كافة المحافظات بشكل عام وحضرموت على وجه الخصوص، من قبل معالي وزير الزراعة والري والثروة السمكية، اللواء سالم السقطري، وخصوصاً تواصله مع المنظمات الدولية وربطها بالمكاتب لإقامة مشاريع مهمة، لتأسيس قاعدة وبنية تحتية يقوم عليها العمل الزراعي وأيضاً للحفاظ على الثروة الحيوانية“. كما أشاد بدور محافظ حضرموت، مبخوت بن ماضي، وتفاعله في الجانب الزراعي لا سيما ذهابه إلى مديرية غيل باوزير، ودعمه للمزارعين بالعديد من الأغراض وأبرزها توجيه الخطة الانتاجية من خلال دعمهم بالبذور لأصناف محددة تشتهر بها المديرية لزيادة الأنتاج.

اكتفاء ذاتي

الخبير في جانب البيئة والتنمية، المهندس عمر بادخن، قال: إنَّ ”الجانب الزراعي في حضرموت يعتبر أحد أهم القطاعات الاقتصادية والرافدة للتنمية والعمالة، لا سيما في وادي حضرموت ووادي حجر، حيثُ يعمل الآلاف من المزارعين في هذا القطاع على شكل «حيازات». (عبارة عن مزارع صغيرة أو متوسطة تدعم العائلة)“.

وبيّن بادخن في تصريح خاص لـ ”الصوت الجنوبي“: إنَّ ”القطاع الزراعي في حضرموت أولي دعم من بعض المنظمات الدولية، وهو دعم جيد نوعاً ما لكنه لا يرقى إلى المستوى المطلوب لأنه لا توجد هناك مشاريع استراتيجية كبيرة، إنما توجد مشاريع بسيطة مثل تمكين المزارعين وتحسين سبل العيش ودعم وإرشاد، في الفترة الأخيرة هناك بعض المنظمات التي دعمت خصوصاً في وادي حجر، مثل المشروع الهولندي الذي تنفذه منظمة الفاو، وهو لإدارة الموارد المائية بوادي حجر بدرجة أساسية وفيه بعض الأنشطة الأخرى، ولكن بشكل عام تعد تدخلات المنظمات بشكل محدود باستثناء هذا المشروع الذي قيمته تجاوزت مبلغ الـ (15) مليون دولار، ويمتد لأكثر من خمس سنوات“.

وحول الطرق التي يمكن القيام بها في حضرموت لتحقيق الأمن الغذائي، فقد أوضح الخبير البيئي والتنموي إنَّ: ”حضرموت تتمتع بوجود أراضي خصبة جداً لاسيما في وادي حضرموت، الذي كان أحد ركائز الاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب خصوصاً القمح“. ويسترسل: ”هذا الجانب إذا تم الاهتمام به بمشاريع استراتيجية وتنميته وإدارته بطريقة سليمة؛ سيسهم بشكل كبير في تحقيق اكتفاء ذاتي من المحاصيل المهمة التي لها علاقة بالأمن الغذائي مثل القمح والذره“.

وعبر بادخن عن استياءه الشديد لعدم وجود مشاريع استراتيجية في تعزيز المياه الجوفية، التي يتم استنزافها بطريقة عشوائية وغير مدروسة، وأيضاً لعدم وجود سدود عملاقة في حضرموت، واصفاً مسألة الاعتماد على استيراد القمح من الخارج بـ ” الكارثة بعيدة الأمد“، وذلك في حالة حصول أي اضطراب في العالم في سلاسل إمداد القمح فستكون هناك مشكلة كبيرة جداً حضرموت في غنى عنها، وذلك في حالة الحفاظ على استثمار الأراضي الشاسعة وتنميتها من خلال زراعة المحاصيل الاستراتيجية خصوصاً القمح.

أمن غذائي

في 22 فبراير الجاري، التقى رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، علي الكثيري، المدير العام لمكتب وزارة الزراعة والري بساحل حضرموت، عبدالله العوبثاني، وذلك للاطلاع على وضع الزراعة والتحديات والصعوبات التي تواجه المزارعون والمكتب بالساحل.

وأكد الكثيري خلال اللقاء اهتمام الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، بالقطاع الزراعي، إنطلاقاً من قناعة المجلس بأهمية هذا القطاع في توفير الأمن الغذائي لشعب الجنوب. مؤكداً في ذات الوقت أيضاً على ضرورة الاستفادة القصوى من كل الإمكانيات المتوفرة، ومضاعفة الجهود للنهوض بالقطاع الزراعي في المحافظة، وذلك لأجل أن يكون الشعب قادراً على الاعتماد على نفسه وخيرات أرضه.

كما لفت رئيس الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، إلى أن المرحلة الفاصلة التي يمر بها شعب الجنوب، تتطلب العمل الجاد من أجل دعم خياراته بتأمين مستقبله الغذائي. مشيراً إلى أن هذا الهدف لن يتحقق إلا بدعم القطاع الزراعي وتوفير احتياجاته، من مياه للري والأسمدة والمعدات اللازمة لتطويره، والعمل على استصلاح مساحات أكبر لزيادة الرقعة الزراعية. مؤكداً أن هذا الهدف يتطلب تظافر جهود الجميع، والعمل على تنمية الموارد المالية لكل المحافظات.

ثروة حيوانية

إضافة إلى قيمتها الغذائية؛ فإن ”الثروة الحيوانية“ تساهم أيضاً في زيادة خصوبة التربة، والتنوع الزراعي، وإنتاج الألياف والأسمدة، وتعتبر واحدة من أهم الدعائم الاقتصادية الزراعية في البلدان النامية، ووفق بحوث ودراسات فالثروة الحيوانية تساهم بنسبة 80% من إجمالي الناتج المحلي الزراعي في هذه البلدان.

وقبل قرابة الأسبوع تحديداً في 21 فبراير الجاري، دُشنت في مدينة المكلا، حملة التحصين ضد مرضي طاعون المجترات الصغيرة، وجدري الأغنام والماعز، وذلك ضمن مشروع تعزيز الاستجابة للأمن الغذائي، الذي تنفذه السلطة المحلية بمكتب الزراعة والري بساحل حضرموت، بدعم من مجموعة البنك الدولي.

عوض باسلوم، أحد مربيي المواشي «الأغنام» بمديرية أرياف المكلا، تحدث عن أهمية الحملة له شخصياً، قائلاً: ”أنا أملك ما يقارب الـ (170) من المواشي، فأي إصابة بمرض تصيب أحدهن فأنه يؤثر وبشكل كبير على البقية، وهذا ما يهدد مصدر رزقي الوحيد أنا وعائلتي“.

مضيفاً: أن الحملة لها دور فعال وكبير في الحفاظ على المواشي الخاصة به، وهو ما يجعله دوماً أول المتقدمين والمتعاونين في مديريته مع البيطريين، وتقديم مواشيه للتحصين في كل حملة تم تنفيذها على مدى السنوات الماضية، مقدماً الشكر لكل القائمين على الحملة، آملاً أن تنفذ بين الفينة والأخرى في أرياف المكلا، التي تعد أكثر الأماكن بساحل حضرموت يعتمد قاطنيها على تربية الحيوانات كدخل أساسي لهم.

أما أم أحمد، وهي إحدى مربيات المواشي بمديرية المكلا، قالت: ”إن تربية المواشي والعناية بها ليس بالعمل السهل، خاصة عندما يكون هذا العمل هو دخلك الرئيسي لأسرة ضعيفة الدخل، فالحفاظ على الأغنام والماعز من الأمراض يعد من أهم الأولويات في مهنة تربية المواشي، وهو الأمر الذي يسهل سرعة بيعها في المناسبات والأعياد وحتى الأيام العادية، ما دامت هذه الأغنام تتمتع بصحة جيدة ولا يشوبها أي مرض، يتسبب في عدم بيعها وضياع سنوات التربية فيها“.

وأشارت: ”رغم إننا نهتم وبشكل دقيق برعاية الماشية من أن تصيبها الأمراض، إلا أن الأمر في أكثر الأحيان يكون خارج عن أيدينا وسيطرتنا، فهذه الماشية التي أملكها أضطر أن أرعى بها بين الجبال صباح كل يوم، ولا استطيع أن أتابع كل هذا العدد من الأغنام أو اتتبع حركتها فيما أكلت أثناء المرعى، لذلك حملات التحصين لمواشينا هي أمر مهم لنا للحفاظ على ماشيتنا من أي مرض، وعدم انتقال عدوته لبقية الأغنام والماشية“.

Post a Comment

أحدث أقدم